مقالة فى الوطن من الشيخ محمد بن عبود العمودي

1

محمد بن عبود العمودي

هي شجرة طيبة، تؤتي ثمارها بإذن ربها، في كل حين، وثمارها لا تنقطع حتى عن من يرميها بحجر، عطاؤها مستمر، رغم ما يحاك لها من مؤامرات، إذا غاب منها عودها الصلب خلفته بمن هو أشد منه قوة وصلابة، وأمضى عزيمة.. تلك الشجرة التي أقصدها هي شجرة الأسرة السعودية التي غرسها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود- طيب الله ثراه-

إنها – بحق- شجرة متماسكة الفروع والأغصان، بفضل من الله، رغم هبوب العواصف وتقلبات الدهر وصروف الأيام.. فها هو عودها القوي الملك عبد الله بن عبد العزيز يغيب عنا إلى رحمة الله وواسع مغفرته بإذنه تعالى، والذي حمل بين جنبيه جميل الصفات وأنبلها، فهو إنسان متحرّر من الجمود، ومن العصبيّة، وفيا كلّ الوفاء للصّداقات والعلاقات؛ فهو رجل وعيٍ سياسيٍّ، والتزام خلقيّ. يؤمن بالحوار، بل يسعى إليه، ويجاهد من أجله، يؤمن كلّ الإيمان بأنّه لن يتحقّق السلام على الأرض، إلا حين تتجاوز به مفاهيمه كلّ حدود الزمان والمكان، الناس عنده في الحق، سواسية؛ فلا يناصر باطلاً، ولا يتعصّب لقوميّته. من فضائله، أنّه حسّاس جدّاً أمام دموع الضّعيف والمظلوم، مناصر للعدالة، شفوق رحيم بكلّ البائسين، عقدت أمّته آمالها عليه بناء على ما تعتقد أنّها تفهمه منه، وقد كان – رحمه الله- يميل إلى البساطة في العيش؛ فهو يرى نفسه دائماً بين البسطاء من الناس، طاهر النفس، متسام مع مكارم الأخلاق، يتعامل مع الآخرين بكل رحابة صدر؛ فينصت لمحدثّه بكل هدوء، فيوحي له بالاطمئنان. إن تحدّث أوجز، وإن قال فعل.

لازم – رحمه الله- كبار العلماء والمفكّرين الذين عملوا على تنمية قدراته منذ صِغره؛ فقد كان حريصاً دائماً على لقائهم، بالإضافة إلى لقاءاته مع أهل الحلّ والعقد، سواء من داخل المملكة، أو من خارجها.

عُرِف الملك عبدالله بن عبدالعزيز باهتمامه البالغ بشؤون العرب والمسلمين، تجسّد ذلك في حرصه الشديد على جمع كلمتهم على الحق، ووحدة الهدف والمصير؛ فهو – رحمه الله- كان يؤمن بـأنّ الإسـلام هو الرابط القويّ، والدّعامة الصّلبة لوحدة الأمّة العربيّة والإسلاميّة.

بالأمس القريب ودعنا عبد الله بن عبد العزيز بكل هذه الصفات وتلك السجايا الطيبة وغادرنا إلى جوار ربه.. في وقت أمته في أشد الحاجة إليه وإلى أمثاله من القادة المخلصين الصادقين الأوفياء.. لا حول ولا قوة إلا بالله إنَّا لله وإنا إليه راجعون.. نسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته جزاء ما قدم لدينه ووطنه وأمته.. ولكن عزاءنا، وعزاء هذه الأسرة الطيبة المباركة في فقد هذا الرجل القائد والزعيم الكريم أن يأتي خلفا له ملك أحبه أهل المملكة والعرب، بل والعالم كله يعرف له قدره وحكمته وحزمه وعدله.. هو الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله ورعاه.. الذي بويع من أفراد الأسرة والشعب السعودي حاكماً سابعاً للبلاد، خلفاً لخادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ويأتي ترتيب الملك سلمان بن عبد العزيز في المرتبة الــ25 من الأبناء الذكور للملك المؤسس، وهو يعد أمين سر العائلة، والمستشار الشخصي لعدد من ملوك البلاد على مر التاريخ.

يحسب للملك سلمان بن عبدالعزيز اطلاعه بعلم الأنساب والتاريخ في جزيرة العرب، فهو يعتبر من المراجع التاريخية الهامة لعدد من الباحثين عن تدوين السير في شبه الجزيرة العربية، كما أنه متابع جيد لكل ما يدور في الصحافة ووسائل الإعلام.. وبمبايعة الملك سلمان بن عبدالعزيز فإنه يعود لقصر الحكم من جديد، بعد أن بدأ حياته السياسية حاكماً للرياض، ومن ثم وزيراً للدفاع، ومن ثم ولياً للعهد، وأخيراً ملكاً للبلاد، وهو في الأساس لم يغادر قصر الحكم، إذ كان على مسافة قريبة جداً من جميع حكام البلاد، مستشاراً وناصحاً وموجهاً، بدءاً من والده المؤسس حتى رحيل أخيه الملك عبدالله بن عبدالعزيز- رحمه الله.

المملكة العربية السعودية

الشرق ال

صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن العزيز.. الذي صار وليا للعهد إثر اعتلاء الأمير سلمان سدة الحكم بعد وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، فقد  كان  مقربا من الملك الراحل. وهو الأصغر سنا بين أبناء الملك عبد العزيز، حيث ولد في أيلول/سبتمبر 1945 في الرياض، وتابع دراسته العسكرية في بريطانيا قبل أن ينخرط في الشأن العام. الذي خدم خلاله في سلاح الجو قبل أن يشغل في عام 1980 منصب أمير منطقة حائل، ومن ثم أمير منطقة المدينة.. والأمير مقرن ذو خبرة سياسية وإدارية وعلاقات متعددة حيث أوكل للأمير مقرن قيادة المخابرات السعودية في تشرين الأول/أكتوبر 2005، وهي وظيفة سمحت له بتطوير خبرته السياسية ونسج علاقات إقليمية ودولية؛ مما جعل الملك عبد الله يعينه مستشارا ومبعوثا خاصاً له، وقد عرف الأمير مقرن بتواضعه واهتمامه بالمواطنين، كما يهتم أيضا بالشؤون الزراعية والفضائية، كما أنه مدافع صلب عن قيام حكومة الكترونية في المملكة.

وكان الاختيار الموفق أيضا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – هو اختياره ولي ولي العهد الجديد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف الذي يعرف بأنه “جنرال الحرب على الإرهاب”، وصاحب “اليد الطولى والقوية”، ومن يمتلك “العصا الأمنية” في المملكة العربية السعودية؛ لأنه وزير للداخلية بطبيعة الحال، وبسبب خبرته الكبرى في الحرب ضد الجماعات والتنظيمات الإرهابية، حينما كان قائدا للقوات الأمنية في الوقت الذي كان والده نايف بن عبد العزيز وزيرا للداخلية. كما أنه يعد أول من يصعد إلى هذا المنصب ويحظى بدرجات علمية عالية، حيث إنه حاصل على بكالريوس في العلوم السياسية من الولايات المتحدة، وشارك في دورات عسكرية متقدمة في محاربة الإرهاب خارج المملكة. ودخل المجال الأمني الرسمي في بلاده بعد تعيينه في مايو 1999 مساعدًا لوالده وزير الداخلية الراحل نايف بن عبد العزيز للشؤون الأمنية، وهو المنصب الذي تم التمديد له فيه لأربع سنوات جديدة عام 2003 مع منحه درجة وزير.

ويعرف محمد بن نايف بعلاقاته الطيبة ، كما أن مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية قالت عنه إنه يمتلك من الدهاء، الذي لم يتوفر لكافة ساسة أمريكا، حيث نجح في القضاء على تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية عن طريق المزج ما بين الحرب على الإرهاب ولجان المناصحة لإعادة تأهيل من وقعوا في فخ تلك التنظيمات التكفيرية.

الملك سلمان بن عبد العزيز استطاع بحنكته وخبرته في قرارات سريعة أن يحمل الجيل الثاني من أبناء الأسرة المسؤولية عن بلادهم ومقدساتهم، فلم يكن الأمير محمد بن نايف ولي ولي العهد الوحيد من الأبناء الذي حمل هذه المسؤولية، بل هناك صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الذي حمل مسؤولية وزارة الدفاع ورئاسة الديوان الملكي، وهو بإذن الله أهل لهذه المهمة وكفؤ لها..فهو بكل تأكيد يشعر بحجم المسؤولية التي يحملها الملك سلمان بن عبدالعزيز ولهذا يعمل بكل أمانة واقتدار خدمة لدينه ومليكه ووطنه ويحسب لسموه قربه من الجميع كونه متعاوناً ومتواضعاً ومستمعاً للآخرين، وهو أهل لهذه الثقة..

وفق الله مليكنا سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير مقرن بن عبد العزيز وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف ووزير دفاعه الأمير الشاب محمد بن سلمان وسدد خطاهم جميعاً لما يحبه ويرضاه.